قبل أن يُغلق ألبوم االصور ...

قبل أن يُغلق ألبوم االصور ...
( قصة قصيرة -- بقلم : سارة الصديقي )

أخذت تتأمل جيداً في تلك الصورة التي انتهت إليها صفحات الألبوم .. تنظر إليها من زوايا متفرقة..

تكاد تمتزج بألوانها وتستمع إلى أصوات العصافير في ثناياها..

لازالت تتذكر جيداً ذلك اليوم الذي التقطت فيه تلك الصورة ، كانت طالبة في الصف

السادس الابتدائي..

ظفيرتاها الجميلتان.. ومريولها ( زيها المدرسي ) ذو اللون الداكن .. وبريق عينيها الذي

يوحي بروح صافية ومشاعر هياجة .. وابتسامة وردية رسمتها على عجل..

لازالت تذكر المكان الذي التقطت فيه الصورة..

في ناحية من فناء منزلهم السابق الذي كان يقع في إحدى أحياء الدوحة الداخلية

الهادئة..

والذي أصبح اليوم نابضاً بالحركة ومكتظاً بالناس والأسواق...

تظهر في خلفية الصورة أغصان شجر السدرة التي كانت معلماً من معالم منزلهم

الصغير .. وكم كانت مسرحاً حافلاً بالذكريات..

كل شيء في الصورة بسيط .. واعتيادي ..

لكن دمعة حرّى لم تطق الاختباء بين أجفاء هند .. فسقطت مباشرة وهي تدل طريقها

وجه صورة هند...

شيء ما في الصورة غير موجود.. وربما يكون أهم مافي الصورة .. في منظور هند

( على الأقل ) !! ولكن اختفى خلف الكاميرا ...

إنها اليد التي التقطت الصورة.. ليست كأي يد..

تذكرت هند كيف حاولت أمها جادّة أن تزرع على شفتي ابنتها هند ابتسامة تجعل من

الصورة أجمل فأجمل..

تذكرت كذلك أن آخر مرة ماتتذكره من تلك الصورة ابتسامة أمها الحنونة..

ذلك قبل أن يغطي فلاش الكاميرا على كلتا الابتسامتين!!

تمنت هند لو أعادت الأيام نفسها فجاءت نفس اليد الحانية لتلتقط صورة وترسم

ابتسامة..

بل تمنت أن تمسك بتلك اليد الحبيبة فتضمها إلى صدرها.. تمسح بها دموعها..و تقبلها

مرات عدة قبل أن ترجعها مرة أخرى إلى صدرها .. ولا تدعها أبداً ..

تمنت أن تعتذر لها عن كل زلة .. كل كلمة.. كل تعب .. كل عتب..

تمنت أن ترتمي في أحضان أمها ( صاحبة اليد ).. تشكو إليها هموها..

تحكي لها عن أفكارها وآمالها وأحلامها..

تمنت .. وتمنت...

ولكنها أدركت أن ليتس كل الأماني تتحقق..

أطرقت برأسها .. ورفعت يدها ..

سألت الله بقلب صادق خاشع أن يرحم أمها..

أن يجمعها بها في الفردوس الأعلى ..

وأن يغفر لها كل تقصير في حق والدتها..

قطع عليها تأملها صوت إحدى الصويحبات منادية :

هيا يا هند.. نحن في انتظارك.. ولا يجدر بك أن تتأخري أكثر من ذلك فالقاعة كلها

متلهفة لرؤيتك ..

ألقت هند نظرة أخيرة على الصورة وهي تخاطبها:

سامحيني يا أماه..

فلقد كنت دوما أقرب إلى عقوقك من برّك ..

سامحي طفلتك..

التي هي اليوم عروس في زفافها ..

كم تمنيت أن تكتمل الفرحة بوجودك جانبي ..

ولكن! في الليلة الظلماء يُفتقد البدر..

سقطت دمعة أخرى من عيني هند ولكن هذه المرة على الأرض..

فقد أغلقت هند ألبوم الصور ..

وهي ترجو الله أن لا يغلق باب الجنة دونها ..

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( الوالد أوسط أبواب الجنة فإن شئت فأضع

ذلك الباب أو احفظه )] .

جزااااااااااااااكي الله خيراااااااااااااااااا

جزاكم الله خيراً وجعله الله في ميزان حسناتك
اللهم أمين

جزانا وإياكما مثله.. بارك الله فيكما